الاثنين، مايو 31، 2010

جولاطي




الصيف


جفّف طحلبَ الأسطح


جنـّحَ الشبابيك


وقال للبطيخ كنْ


ومثلَ كلّ مرةً
أوّلَ مرة ٍ


زوبعة ً


تطلع من حنجرةِ البوقِ العربة ُ الثلاجة


ويطلع البائعُ من ندائه :


جولاطي!


جولاطي!


جولاطي !

الأحد، مايو 16، 2010

ماريليانو



على هضبة الرجمة ـ تلك التي كوّمها بكفيه العملاق أبو زيد الهلالي* ليشرف من فوقها على سهل برقة؛ ليرى بعينه الناجية من شظايا عظام غولة اعترضت طريقه فقضى عليها وأحرقها ـ حشرت ملايين الأحجار، المشوبة بحمرة الطين وخضرة الطحالب، بأحجام وأشكال مختلفة، أكواماً أكواما، لبناء سور قلعة الرجمة خريف عام 1923م .*


كاد ماريليانو، وهو يستلم آخر أحجار شغل ذلك اليوم من أيادي الليبيين المسّخرين، أن يظل، في زيّه العسكريّ دجاجة بيضاء، لا حزن ولا فرح، آلة َ هذر وبناء، كما أُريد له و منه أن يكون، ومن آلاف ٍ غيره يومَ ضُمّ إلى سريّة الشئون الإدارية، بكتيبة المدفعية الثالثة والعشرين، في الجيش الإيطالي الذي توالى منذ عام 1911م غازياً ليبيا .


- ( عجباً ! هل رأيتك أيتها الحجرة من قبل ؟ ) . كان ماريليانو يحدّث الحجارة وهو يشتغل.ـ ( هنا في بداية البناء ؟، أم هناك في مزرعتنا ؟، المقادير تسوق حتى الحجر، لماذا أنت بالذات ؟ هذا العبث ليس عبثا )، يفرش لها ملءَ ملعقة اسمنتا


( كوني هنا، لو كنت إنساناً لتمرّدتِ، بل لتألمت، كم في طاعة الحجر من عصيان! ).


وبينما هو يستلم الحجرة التالية يسمع بوق نهاية الدّوام المسائي، تركها تقع على الأرض، و ضع إصبعيه في أذنيه، وأخذ يشير إلى معاونه بعينيه وحاجبيه، حتى هز الرجل رأسه بالإيجاب، فأخرج ماريليانو إصبعيه وقال :


ـ ( إذن فقد نفخ الشيطان الرجيم في بوقه، يا له من منشار يمزّق أضلعي ) .ثم عاد والتقط الحجرة، و وجّه كلماته إلى كل العمال:(ولكنكم تحبّونه أيها الملاعين، "فينيتو"، انصرفوا إلى بيوتكم وأولادكم، ألم تسمعوا موسيقى الجحيم؟).


وعاد إلى حديثه مع الحجارة ( وأنت أيتها الملساء !)، ودوّرها بين كفيه، ليجد جانباً مستوياً يقرّها به في البناء ( لا تعجبي، في كون واحد يمكن أن يلتقي كفـّا رجل من بطن امرأة إيطالية، مع حجرة من بطن أرض ليبيّة، من المحتمل أن يصبح قلبي، نعم قلبي هذا، عنصراً في براز ضبع ليبيّ) .انتبه لوجود بزّاق لاصق بالحجرة :


ـ ( أيها اللعين، بأيّ أمر جِئَ بك إلى هنا أنت الآخر ؟ ألم تكن في البحر يا مسكين ؟).


حاول اقتلاعه بظفره، فوقع في بقية خلطة الأسمنت، فغرفه ضمنها :


ـ ( يبدو أنك لا تريد أن تنجو، أم أنك سئمت القوقعة وتطمح في بيت إسمنتي ؟ ) .


قاوم رغبة في استخراج البزّاق وقذف بالملعقة آخر الإسمنت.


ـ ( خذ، لك الأسمنت؛ و لي البذلة العسكريّة) .


رمى الملعقة بقوّة جانباً، وخبط كفيّه ببعضهما، ثم انتصب متأوّهاً و انحنى إلى الوراء ضاغطاً بيديه على ظهره، ثم أرسل نظره إلى أكوام الحجر الساكنة؛ إلاّ من صفيرِ ريحٍ خفيف فيه برودة جافة لاسعة حول الأكوام، يثير زويبعات ضعيفة في الخشاش اليابس:


ـ ( وأنتم، ابقوا هنا حتى الصباح، إيّاكم أن تتحركوا، هل سمعتم ؟، إيّاكم أن تهربوا، إنها أوامري أنا، أنا " الدّوتشي" هنا، أضعكم أينما أريد وأنساكم، وينساكم الزمن في هذا السّور الطويل العريض، " آرّيفاديرتشي ") .


واستدار متجهاً صوب المبيت، بعد أن لملم عدّته في كيس دلاّه من فوق كتفه.


كان المكان قد سكن، حيث آب كلُّ الجنود والعمال، إلا من خفقة أو خفقتين من أجنحة طيور عبرت فوق رأسه إلى أوكارها، أو اضطراب خفّاش يسابق نفسه، أو رتل قطيع من بقر هناك خلفه، يتقدّم ببطءٍ على شاشة الغسق، مثيرا غباراً نحاسياً بين أرجله النحيلة، في دربه في آخر الأصيل، وفي طريقه انحنى على عصا، و أخذ وهو يصفـّر يضرب بها الهشيم الذهبي لشجيرات "القـُوس" الشوكية، وكويمات تراب الخَلْد البنية، وفجأة وقف، لقد انتبه، لقد تذكر أنه لأول مرة ـ منذ وصل إلى هذه الأرض الغريبة ـ قد نسي كل شيء، أحس بأن قلبه قد ثقل وتضخم مثل هضبة، ها هو الحزن ـ الذي كان يغالبه بهذره وعمله المتواصلين ـ يتسرب إلى قلبه على حين غفلة منه، كان لا بدّ منها، وأدرك في لحظة ـ المسافة بمائها و يابستها بينه وبين قريته، التي مدّت في مخيّلته دروبها إلى عينيه، مثل كلّ مرة كان يرجع إليها في الأصيل من حقله البعيد، البعيد.وتناهى إلى سمعه صوتٌ شجيّ وإن كان جهوريّا، من جهة المبيت " تي ررا، ري ررا، عمري وكلُّ ثوانيه لي، ررا؛ وذات مرّة أذكر أنني نسيت ! ررا )، وقد عرفه، إنه صوت "بيانكو" المهذار، الذي حزنه لا يتجاوز حنجرته، لا شكّ راجع من الخلاء مغنياً، كعادته كلما قضى حاجته، ولقد عرف الأغنية أيضاً، إنها تلك الأغنية الشعبية التي كم سمعها في المذياع، دون أن يهتم بها، وها هي تتخذ في روحه معانيها التي ألفها رجل مجهول؛ تفرّقت عظامه منذ زمن طويل.


اقترب من المبنى، كان القمر برتقالة ضخمة فوق الهضبة الأخرى، تلفّت حوله، وتنحنح ليخفي ما يعانيه، ودلف إلى الحجرة، كان رفاق "ماريليانيو" يهذرون متحلّقين طاولة خشبية عرجاء، عليها خريطة كبيرة تدلّت حوافها على الجانبين، يتصايحون وبين الحين والحين تصدر عنهم قهقهة عالية، حيّاهم بحنق كأنما يسبّهم، " بونا سيْرا"، لكنهم لم ينتبهوا لدخوله، وجد ذلك مريحا بالنسبة له، اتّجه إلى سريره في الركن، كان حزيناً ومغموماً حتى فَـَقـْدِ كتلتِه، لم يقو على خلع حذائه الجاف الأشهب؛ بيديه المتورمتين المتشققتين، وكان من عادته ـ دون أن يعي ـ إذا فقد السيطرة على حزنه أن يغفو، فانطرح على سريره .


ـ ( ليبيا جنوب إيطاليا ) قال بيترو، الذي يتوسط المجموعة ويتحدث مستعيناً بالخريطة ( بيننا وبينها بحر)، فقال ماريليانو بينه وبين نفسه تحت الغطاء :


ـ ( هذا مبرر كافٍ لمجيئنا إليها ) .


ـ ( وهذه مالطا ) أضاف بيترو، واضعاً سبّابته على نقطة في الخريطة :


ـ ( انظروا كم هي صغيرة، و وسط الماء ) .


ـ (يقال أن للمالطيين أثرَ خياشيم في جيوبهم الأنفية ) كذلك قال بيانكو الذي عبر إلى غرفة أخرى حاملاً بيده إناءً، علت قهقهة من المجموعة، وابتسم ماريليانو في ذهنه .


ـ ( دعنا من مالطا ) قال برونتي وقد أدنى وجهه من الخريطة وراح يتمتم :


ـ ( أين... ؟ أين... ؟ أين.... ؟ ).


ـ (عمّا تبحث ؟ ) سأله بيترو .


ـ ( أين كونفرسانو على هذه الورقة المهترئة ؟ ) أوضح برونتي، فاصطنع بيترو ضحكة وقال :


ـ ( كونفرسانو؟، كونـ فر سانو غير مهمّة حتى ترسم على خريطة، ولكنها تقريباً ... هنا ) .


ـ ( بل هنا ) ردّ برونتي عالياً وهو يضع يده على أيسر صدره.


ـ ( أما هذه فنابولي، ناااااااااابولي ) صاح بيترو وقبّل نقطة على الخريطة ثم أضاف :


ـ ( الخريطة قصيدة الغرباء، تميمة المغتربين، تعويذة من الحنين، إني كلما داهمني الحنين أتأمل في الخريطة، أعلم أين أنا وأين مدينتي ) .


ـ ( أما أنا فلا أفضل أن أحمل شيئاً يذكرني بما أفقده، حتى الرسائل لم أقرأها، أما الصور فأطعمتها النار) قال برونتي بصوت متهدّج.


ـ ( من الأفضل أن لا يحمل المرءُ حتى رأسه في الغربة ) تمتم ماريليانو بين النوم وبين اليقظة .


ردّ بيترو :


ـ ( كم أنت قاسٍ يا برونتي).


ـ ( بالعكس ) صاح برونتي ( بل أنت. وعسكريٌّ أيضاً أنت يا بيترو ) .


أجاب بيترو :


ـ ( شيءٌ خير من لاشيء يا صديقي برونتي ) .


ـ ( العشاء أفضل من كلِّ شيء ) صاح بيانكو الذي دخل عليهم بصحاف العشاء ( هيّا أيها البهائم، أجنودٌ وشعراء ؟ ) .


ثم نظر إلى حيث سرير مارليانو :


ـ ( ماريليانو !، العلف أيها الرومانتيكيّ ) .


هبّ الجميع واندلقت الخريطة، وقرقعت الكراسي، واتخذ كلٌ مكانه إلى المائدة، وكان ماريليانو قد نام عن الصمت الذي ساد، وتخلله حيناً بعض الهمهمات، أو رنين الملاعق في الآنية، وأنينٌ بدأ يغلظ ـ للريح التي أخذت في الارتفاع ـ في أضلع باب الحجرة .


نام يحلم بنفسه بملامح ابنه الصغير؛ مرتدياً ثوب طفل ليبيّ طويلاً مخطّطاً ــ كان قد رآه الأيام السابقة وراء أسلاك المعتقل، ينظر إليه وقد ارتسمت على فمه ذاتُ ابتسامتِه ــ وعلى جبهته قد لصق بزاق .


في الصباح كانت ظُلّة حمراء منفوثة من أرض القلعة تتمدد فوق الرجمة، كانت النساء في الشرفات والشبابيك، والشيوخ في ظلال المباني أو حول الجرّافة، ينظرون بإعجابٍ يضيء وجوهَهم إلى سائقها الأعور المأخوذ بنطاحها للسّور المزدوج الأصم، ويهللون مع كل هدير لأحجار القلعة المتهاوية، والأطفال يجرون متصايحين وراء جمجمة يجرّها أحدهم بسلك معدنيّ، وكان هناك قليل من الشباب، وفي العشية سالت أودية حمراء نحيلة جفّتْ؛ قبل أن تصل إلى المباني الجديدة أسفل القلعة.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أسطورة خلق الرجمة في الرجمة على الأقل.

* 1923 تاريخ تركه أحدُهم على لطخة أسمنتية على جدارالباب الكبير الشرقي للقلعة.

* نشرت القصة مطلع التسعينيات بصحيفة النهر الصادرة عن المهرجان.

الاثنين، مايو 10، 2010

بيت الغزال



أقاربنا الذين يسكنون في المدينة ؛ في بيتهم غزال ، جلبه رب الأسرة ذات رجعة من حيث عمله في الصحراء ، مع الجبن الأصفر والحلوى الطحينية والتونة والزيتون ، ويقال أنه حين دعاه رفاق رحلة العودة إلى ذبحه أقسم لهم بالله ثلاثا أن لن يفعل ؛ لا هو ولا أحد منهم ، فقد رأى في عيني الغزال عيني (جازية ) ، وهمَّ بأن يرسله في الرمال ، لولا احتجاج الرفاق بأن لا يفعل ، فعاد وتحايل عليهم ؛ أو على نفسه ؛ بأن يولم به لهم يوم يحوز الغزال الإنسي في بيته .

لقد كان جديَ غزال بنيّاً مرقط المتن بالأبيض ، ذا قرنين كإبهامين ، كان قدَمَ سعد ٍعلى (عيسى) ، حيث ما استقر الغزال في البيت أسابيعَ حتى تيسر أمر قصة حبه لجازية ؛ فخطبها وتزوجها ، جازية ربة البيت إلى الآن ، التي ظلت سنوات تتفرج على الغزال وتنجب البنات .

وكان يطيب لي كثيراً ؛ كأيّ طفل ؛ الحديث للرفاق عن غزال أقاربنا الذين في المدينة ، ولم يكن ينغص عليّ حالة التباهي بتلك الحكايات سوى أني لم أكن مستعدا للإجابة ؛ لا بلا ؛ ولا بنعم ؛ عن سؤال ماكر من أحد رفاق اللعب (وأنت عمرك شفته غزال العرب اللي يعرفوكم في لبلاد و ؟ ) ، ببساطة لأني لم أره قط ، بينما رآه كثيراً إخوتي الكبار ، فضلا عن أختي الصغيرة ؛ التي كان يتيح لها ترددها على مستشفى الصدرية ؛ زيارتهم والمكوث لديهم أياماً ، قطّ لم أره ، ولا حتى في ذلك اليوم الربيعي الوحيد الذي مرّ فيه ببيتنا عيت عيسى ، سي عيسى وعمتي جازية ؛ وغزالة وقليدة وجفـّالة وريم ومها ؛ ليتزودوا باللبن وخبز التنور؛ وهم في طريقهم إلى (الزرده) في الوادي ، وليوصوا أبي ليعمل للغزال حجاباً مثلثاً من العين ، ولتـُلحِق أمي بهم أختي نجمة ، وكان الغزال فيهم ؛ فيما وراء الكرسي الخلفي لسيارة المورس الفورمايكا .

ولم يكن يهوّن علي شعوري بالغلبة ـ حين لا أقوى على اللجوء إلى فضاء الخيال ـ إلا حضور ابن ِ خال ِ ولد ِ عمتي ؛ الذي ينوب عن أحلام يقظتي بالقص عن مغامرات يطلقها وراء الغزال ، لكنها سرعان ما تجتازه إلى أبعد ، بعد أن يكون قد اختار لي فيها شخصية ً ؛ أجد أن لا بدّ لي من القبول بها ؛ شخصية تأخذ في التحول من أسد إلى أرنب قبل نهاية كل قصة .

أقاربنا الذين في المدينة ، كان في بيتهم غزال ، قطعت شطراً من طفولتي وأنا أحلم برؤيته ، وأباهي بحديثي عنه للرفاق ، ويشاكسني الرفاق بعدم رؤيتي له ، وينتهز ابن خال ولد عمتي الفرصة لإطلاق خياله ، ولكنني ـ ذات يوم نسيتـُه ـ نسيتُ ذلك الحلم وتلك الرغبة ، فما الذي حدث لي ؟ ، أو ما الذي حدث لأهلي فلم يعودوا يتحدثون عنه ؛ فيذكرونني به ؛ وبحكايتي معه ؟ ، وما الذي حدث للرفاق فلم يعودوا يسألونني عنه ؟ ، وما الذي حلّ بالغزال ؟ ، إنما من المؤكد أن الغزال ـ الذي كان بمثابة فرد من أفراد أسرة عيت عيسى ـ لم يمت رغم انطفاء حلمي برؤيته ، فلو مات لأقام أقاربنا الذين في المدينة له مأتماً ، أرجّح أن الغزال لا يزال حيّاً .

بالمناسبة ! ، كم يعيش الغزال من السنوات ؟ .

الثلاثاء، مايو 04، 2010

بنيـنة




إهداء إلى صالح حمد


مبنيّة في فؤادي مِن قبْل ذات العماد

قبيلة من مبان ٍ جليلة ٍ عن جماد

مرفوعة بالأغاني بحمد ِ ربّ العباد


فطوبة كالرغيف وطوبة كالوساد

مقبوضة من تراب مضمّخ ٍ بالجهاد

طلاؤها بالأماسي وبالصباحات هادي

مسمّرة فصلَ حرث ٍ مصفرّة في الحصاد

بيوتها وهي بيت ٌ مضيافة الارتداد

لم تشتر َ من أجير ولم تبع بالمزاد

بين الدكاكين منها ما بين خاف وباد ِ

حوش عتيق (سماويْ) (عربيْ) ثمين وعادي

عتباته الخضر أصلاً إسمنتهن رمادي

أَمِنْ دموع سطوح مطحلَبات نواد؟

أمْ من ظلال كروم أوراقها كالأيادي؟

بل من خطىً نابضات من رائحين غوادي

على خطىً ناعمات من خاطبات سعاد

*

ودّعتك ِ أمس غيماً واليوم آت ٍ كواد

متحدّراً باختصار محمّلاً بي أنادي

عليَّ أزبد وداً وتعرفين ودادي

وأغنياتي دليلي وذكرياتي زادي

ياكوكبي الضخم جداً نهاره في ازدياد

والعشب فيه ودربي واشتهائي حاد ِ

أحبك يا جيكوري يا بكتي يا بلادي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


بنينة ضاحية من ضواحي بنغازي
جيكور قرية الشاعر بدر شاكر السياب
بكة اسم من أسماء مكة المكرمة

المشاركات الشائعة