(أسمع يا صالحين !، بكره وينما انقعمزوا عالشاهي انريدك تقول قدّام "الهَبـِيلْ" هذْ ، انّك ريْتَه في المنام إيدقّ في البصل .. فهمت و؟ ، لكن فكني من سَهْوكتَكْ ، قولها و ردّ بالك تضحك ، أو توّ اربح ، وبكره تعال علي ما هَلَك) .
وافترق الشيخ وابنُ أخته الفتى تحت غبار الغروب منهكين متثاقلي الخطوات ، بعد يوم من الحصاد في الزرع الذي اشترياه مناصفة ، الذي اكتشف الشيخ بعد نقلتيْ "سبَلْ" عبوّةَ "فُردينه" إلى سوق الحشيش أن المشروع عبث في عبث ؛ غير مربح اللهم إلا لسائق السيارة ، وقد فهم الفتى أن خاله بقوله "الهبيل" إنما يقصد رمضان بو زينوبة ؛ الكهل الذي طرأ عليه ما طرأ إثر إنفراده بميراث قريبته العجوز ، فاشترى "شنة" ومعطفاً برتقالياً يدليه على كتفيه ، وهو منذ أسابيع يطقطق بـ "التشيكية" دم الغزال ؛ كحصان معافى في الشارع جيئة وذهاباً ؛ من أمام بيت الكهلة كاملة ابنةِ الشيخ مومن صاحب الزرع ، ويراقص حدقتيه وحاجبيه مبتسماً لكل من يلقاه من العابرين ؛ منتشياً بشعوره أنه يعرف أنهم يعرفون لماذا أو لا يعرفون لماذا هو صباح مساء يمرّ من هنا .
وبالكاد غلبت هذه الخاطرة الكاريكاتورية للكهل التي دارت في ذهن الفتى ـ مؤيدة بثقته في حكمة الشيخ ـ إحساسَه بالخيبة من نصف حلم امتلاك نصف الزرع بذهب سنابله وهسهستها وزقزقة العصافير ودفء ودهشة العثور على أعشاشها* بينها وطنين جنادبه وخشخشة الدواب والجذور في ترابه...
في العشيّة التالية وفوق أرضٍ من السنابل المكسّرة ، وتحت سماءٍ من صفير "القنبير" كان ثلاثتهم : الشيخ والفتى والكهل جالسين منتعشين لحضور الشاي بـ "الفريكة" .
غمز الشيخ لابن أخته مع رشفة أولى من الدور الأول من الشاي ، فتململ الفتى وتحنحن
وقال : أيش انقولك يا بوخال ! .
فقال الشيخ : قول لا إله إلا الله ! .
فردّ الفتى : لا إله إلا الله محمدْ رسول الله ، البارح يا خالي ، والكلام ألكم كلّكم ؛ ريت في منام الله العزيز ...
فقاطعه الرجلان : خير انشاللهْ ! .
فواصَلَ : خير ، ما يكون إلا خير ، ريت ارمضان هذْ ((وحينها احمرّتْ أذنا الكهل)) إيدق في بصلْ .
وفوراً صاح الشيخ : بصلْ ؟ ، بصل حويل ؟.
فأثبت الفتى : عليم الله إنه بصل ، وبصل حويل ، وحلو زاد.
فعاد الشيخ لصياحه وهو يرفع كفيه كأنما يدعو و يقلب وجهه في السماء : ما شا الله ! ما شا الله ! ؛ ما شا الله عليك حلاّمه سمحه ، ملاّ روْيَه سمحه هذْ ! ،((ثم وجّه كلامه للفتى)) موش ديمه انقولك يا بناخييّ إن ارمضان بوزينوبه موش مطلوق ؟ .
غمز الشيخ لابن أخته مع رشفة أولى من الدور الأول من الشاي ، فتململ الفتى وتحنحن
وقال : أيش انقولك يا بوخال ! .
فقال الشيخ : قول لا إله إلا الله ! .
فردّ الفتى : لا إله إلا الله محمدْ رسول الله ، البارح يا خالي ، والكلام ألكم كلّكم ؛ ريت في منام الله العزيز ...
فقاطعه الرجلان : خير انشاللهْ ! .
فواصَلَ : خير ، ما يكون إلا خير ، ريت ارمضان هذْ ((وحينها احمرّتْ أذنا الكهل)) إيدق في بصلْ .
وفوراً صاح الشيخ : بصلْ ؟ ، بصل حويل ؟.
فأثبت الفتى : عليم الله إنه بصل ، وبصل حويل ، وحلو زاد.
فعاد الشيخ لصياحه وهو يرفع كفيه كأنما يدعو و يقلب وجهه في السماء : ما شا الله ! ما شا الله ! ؛ ما شا الله عليك حلاّمه سمحه ، ملاّ روْيَه سمحه هذْ ! ،((ثم وجّه كلامه للفتى)) موش ديمه انقولك يا بناخييّ إن ارمضان بوزينوبه موش مطلوق ؟ .
وأكّد الفتى قول خاله ، في حين تنهّد الكهل رمضان وعدّل جلسته ومسح على المعطف المطوي في حجره .وانطلق الشيخ يؤول الحلم المزعوم : هذا يا سيدي خوك رمضان ناوي علي عولة همّ ، قضْيةْ حاجة ، شرْوةْ بصيرة ، كي ما اتقول قطعة أرض ؛ غلة ، زريع صابه ، حاجة من هالحوايج.
فابتسم الكهل وسوَيقُ سنبلة بين أسنانه ، وبسط كفّه للشيخ وقال : امّالا يا جماعة بعد ما جت من فوق ؛ ونا كنت متحشّم منكم فيها ، أيش رايكم لو نعطيكم التفتوفة اللي دفعتوها للحاج مومن ، وتطلعوا منـّه هالزرع؟.
ولم يلحظ الكهل بريق عيني الفتى ؛ ولا حتى تهلل وجه الشيخ حتى أذنيه حين أجابه : واللهِ يا رموضه ما نقدر انقول لك شي ابروحي ، لا جل ـ ونْت عارف ـ الزرع ما نش فيه اوحدي.
والتفت إلى ابن أخته : أيش قولك يا بو بناخي في هالكلام ؟.
فرد الفتى : والله الزرع مو هاين علي ، لكن الكلام كلامك يا خالي ؛ ما عندي معاك كلام.
فقال الشيخ : انبيعوه؟.
فأجاب الفتى : بييييعه ! .
فمدّ الشيخ يده وخبط كفّه بكف الكهل وقال (( في اللحظة التي ثار فيها الرمادُ من حفرة النار التي شلّت إثر كبِّ الفتى الشايَ عليها)) : انشالله تربح .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق